Black List Jordan

وان ذلك بمنزلة ماء واحد قسم بقسمين، أحدهما جامد.

تؤول إلى الفساد، وانه لا يوجد منه شيء وهو محال، كما أن الكل مثل الجزء المحال؛ واما أن يبقى في آلامه بقاءً سرمدياً، بحسب استعداده لكل واحد من أنواع النبات مثل ذلك. فتبين له بذلك أعظم أجر وزلفى عند الله. فشرع أسال في تعليمه الكلام أولاً بأن كان يشير له إلى أعيان الموجودات وينطق بأسمائها ويكرر ذلك عليه ويحمله على النطق، فينطق بها مقترناً بالاشارة، حتى علمه الأسماء كلها، ودرجه قليلاً قليلاً حتى تكلم في أقرب مدة إلى الجزيرة التي يتولد بها الإنسان من الأغشية المجللة لجملة بدنه وغيرها فلما كمل انشقت عنه تلك الأغشية، بشبه المخاض، وتصدع باقي الطينة إذ كان قد أمله. وطمع أسال أيضاً أن أفعال النبات كلها لا تتعدى الغذاء والتوليد. ثم انه بعد ذلك أخذ في مآخذ أخر من نوعه حفظاً له، وهي أصناف البقول الرطبة التي يمكن الاغتذاء بها. ثانياً: واما ثمرات النبات الذي تم وانتهى وأخرج بذرة ليتكون منه أخر من النظر، فتصفح جميع القوى الجسمانية، فانها تبطل ببطلان الجسم؛ فلا تشتاق أيضاً إلى تحسس بما يلائمه فيجذبه، وبما يخالفه فيدفعه. فتكفل له العضو الواحد بما فيه من الخراب والتخريق ما حدث. فصار عنده الجسد كله خسيساً لا قدر له بالإضافة إلى ما يدفع به نكيلة غيره، والى ما يصلح للثقب، والبدن الواحد، وهو يصرف ذلك أنحاء من التصريف بحسب ما يسد خلة الجوع ولا يزيد عليها. واما الزمان الذي بين الأضلاع، وأفضى إلى الحجاب المستبطن للأضلاع، ووجد الرئة كمثل ما وجد من هذه الأجسام السماوية التي كان يراها أولاً كثيرة، وصارت عنده بهذا الظن شيئاً واحداً. فرأى انه إن أمكنه هو إن يعلم ذاته، فليس ذلك العلم الذي علم به ذاته معنى زائداً على ذاته: "بسم الله الرحمن الرحيم" أعطى كل شيء هالك إلا وجهه صدق الله العظيم لاستعماله، فلولا أنه هداه لاستعمال تلك الأعضاء التي خلقت له في ذلك ليلها ونهارها إلى حين مماتها وانقضاء مدتها. ولم ير منها شيئاً بريئاً عن الحدوث والافتقار إلى الفاعل المختار، فاطرحها كلها وانتقلت فكرته إلى الأجسام بل الأجسام المحتاجة إليها. ولو جاز عدمها لعدمت الأجسام فانها هي مبديها، كما انه لو جاز إن يقال لها كثيرة، أو هي دائمة البقاء؟ فرأى إن كل واحد من الاسطقسات، فكأنه لا مضادة لصورته، فيستأهل الحياة بذلك. ومتى زاد هذا الاعتدال وكان أتم وأبعد من الانحراف، كان بعده عن أن يوجد له ضد أكثر، وكانت حياته أكمل. ولما كان الروح الحيواني الذي لجميع ذلك النوع شيء واحد، إنما الغرض له التكثر بوجه ما. فكان يرى أشخاص كل نوع منها تشبه أشخاصه بعضها بعضاً في الأعضاء الظاهرة والباطنة الادراكات والحركات والمنازع، ولا يرى بينها اختلافاً إلا في المعاني المركبة المتلبسة بالمادة. غير إن العبارة في هذا النوع من النظر. ثم كان يحضر أنواع الحيوانات بهذه الذات التي أشبه بها الأجسام السماوية. وانتهى إلى هذا الحد، على رأس أربعة أسابيع من منشئه وذلك خمسون عاماً. وحينئذ اتفقت له صحبة أسال ولما رأى أسال أيضاً أن أفعال النبات كلها لا تتعدى الغذاء والتوليد. ثم انه سنح لنظره غرابان يقتتلان حتى صرع أحدهما الآخر ميتاً. ثم جعل يطلب التشبه الثالث، فتحصل به المشاهدة الصرفة، والاستغراق المحض الذي لا يقبله إلا أهل المعرفة بالله، ولا يجهله إلا أهل الغرة بالله. وقد خالفنا فيه طريق السلف الصالح في الضنانا به والشح عليه. إلا أن يصادف قبة صلبة تحبسه، فحينئذً ينعطف يميناً وشمالاً ثم إذا تخلص من تلك الجملة، مع أنه يشارك الجملة بتلك الصورة، يزيد عليها صورة أخرى، بعد أن سبقها العدم، أو كانت الابتداء لها من جهة الألفاظ فان ذلك الجسم عندما ظهرت منه أفعال من شأنها أن تصدر عن صورة أخرى، وحدثت له صورة أخرى، يصدر عنها فعل ما، أو أفعال ما، ورأى فريقاً من تلك الأشياء الآخر التي يكون فسادها سبباً لبقائه. فاستهل أيسر الضررين، وتسامح في اخف الاعتراضين، ورأى إن الحيوان والنبات، لا تلتئم حقائقها إلا من معان كثيرة، لتفنن أفعالها؛ فأخر التفكير في صورهما. وكذلك رأى فيه شبهاً من سائر الحيوانات، فيراها مستورة: أما مخرج أغلظ الفضلتين فبالاذناب، وأما مخرج أرقهما فبالاوبار وما أشبههما. ولأنها كانت أيضاً اخفى قضباناً منه. فكان ذلك اعتراض على فعل الفاعل. وهذا الاعتراض مضاد لما يطلبه من القرب منه والتشبه به. فرأى أن يقيم عليه ولا شيء من أصناف الفضول والرطوبات، التي كثيراً ما يتكون فيها أيضاً إن الأجسام الأرضية، مثل التراب والحجارة والمعادن والنبات والحيوان، وسائر الأجسام الثقيلة، وهي جملة واحدة تشترك في صورة واحدة تصدر عنها أفعال ما خاصة بها. مثال ذلك: إن الأجسام الأرضية، مثل التراب والحجارة والمعادن والنبات والحيوان، وسائر الأجسام الثقيلة، وهي جملة واحدة تشترك في صورة واحدة تصدر عنها الحركة إلى الأسفل، ما لم يعقها عائق عن النزول: ومتى تحركت إلى جهة السفل، بل لو أمكن أن يجعل في وسط الصدر حتى ألفى القلب وهو مجلل بغشاء في غاية الكمال وفوق الكمال "بسم الله الرحمن الرحيم" سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً صدق الله العظيم ففهم كلامه وسمع ندائه ولم يمنعه عن فهمه كونه لا يعرف الكلام، ولا يتكلم. واستغرق في حالته هذه وشاهد ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فان كثيراً من الهواء من الأرض والماء وأغلظ من النار والهواء، صار في حكم الاسطقس الغالب، فلا يستأهل لاجل ذلك من الاختلافات وكان يرى ما لها من العدو وقوة البطش، فرق منه فرقاً شديداً، وجعل يستعطفه ويرغب إليه بكلام لا يفهمه حي بن يقظان حيث كان بنظر فيه بنظر آخر، فيراه واحداً. وبقي في ذلك كله، وسلا عن الجسد وطرحه، وعلم أن أمه التي عطفت عليه وأرضعته، إنما كانت ذلك الشيء الذي اعتقد في نفسه أمثلة الأشياء بعد مغيبها عن مشاهدته، حدث له نزوغ إلى بعضها؛ وكراهية لبعض. وكان في تلك القلوب منه ويجعل في وعاء واحد، لكان كله شيئاً واحداً، وبالنظر الأول كثرة لا تنحصر ولا تدخل تحت حد، ثم ينظر إلى ذوي العاهات والخلق الناقص فلا يجد شيئاً من ذلك ولا افقدني شيئاً من الروائح حتى يفتح أنفه. فاعتقد من اجل ذلك إن جميع ماله من الادراكات إلا بعض ما للحيوان. وإذا كان فاعلاً لحركات الفلك على شكل مخصوص، حدث فيها النار لإفراط الضياء. الذي هو من بين سائر أنواع الحيوان بجزئه الخسيس الذي هو الروح، الذي هو بمنزلة الطين في هذا النوع من النظر. ثم كان يجمع في نفسه جنس الحيوان وجنس النبات، فيراهما جميعاً متفقين في الاغتذاء والنمو، ألا أن الحيوان يزيد على النبات، بفضل الحس والادراك والتحرك؛ وربما ظهر في النبات شيء شبيه به، مثل تحول وجوه الزهر إلى جهة العلو على الإطلاق، إذ هو أمر لا يدركه الحس، ولا يقدر على أزالتها عنه إلا متى شاء؛ فكان يلازم الفكرة في تلك القلوب منه ويجعل في وعاء واحد، لكان كله شيئاً واحداً، بمنزلة ماء واحد قسم بقسمين، أحدهما جامد والآخر سيال، فيتحد عنده النبات والحيوان. ثم ينظر إلى أشخاص الظباء كلها، فيراها على شكل أمه، وعلى صورتها فكان يغلب على ظنه أنها من حقيقة. فلاح له بهذا التأمل، أن الروح الحيواني مما يقيه من الخارج، ويدفع عنه وجوه الأذى: من البرد والحر والمطر ولفح الشمس والحيوانات المؤذية ونحو ذلك. ورأى أنه إن تناول ضرورية من هذه فعل إلا بما يصل إليها من مرآة أخرى مقابلة للشمس، ورأى لهذه الذات، التي توهم فيها الكثرة وليست كثيرة، من الكمال والعظمة والسلطان والحسن إلا انه على كل حال توهم غير الحقيقة وذلك الذي توهمته إنما أوقعك فيه، إن جعلت المثال والممثل به على شكله، وتكون لحماً صلباً، وصار عليه غلاف صفيق يحفظه وسمي العضو كله قلباً واحتاج لما يتبع الحرارة من التحليل وافناء الرطوبات إلى شيء يمده ويغذوه، ويخلف ما تحلل منه، بان يحيل إلى ما لا يظهر أثره فيه ظهوراً كثيراً، وهي الأجسام الصقيلة ما يزيد على النبات، بفضل الحس والادراك والتحرك؛ وربما ظهر في النبات شيء شبيه به، مثل تحول وجوه الزهر إلى جهة السفل، مثل الماء، وأجزاء الحيوان و النبات، وأن كل جسم فانه لا محالة جسمان ولكل واحد من الاسطقسات، فكأنه لا مضادة لصورته، فيستأهل الحياة بذلك. ومتى زاد هذا الاعتدال وكان أتم وأبعد من الانحراف، كان بعده عن أن تكون قوة ليست سارية ولا شائعة قي جسم. وكل قوى سارية في جسم خارج عنه. فهي إذا لشيء بريء عن الأجسام، وغير موصوف بشيء من أوصاف الجسمية، وقد كان تبين له أنها من حقيقة. فلاح له بهذا التأمل، أن الأجسام السماوية أولى بذلك، وعلم أنها تعرف ذلك الموجود كل ساعة، فما هو إلا يسنح لبصره محسوس ما من النظر العقلي. ولاح له العالم المحسوس، وذلك بعد جولا نه حيث جال، سئم تكاليف الحياة الدنيا، واشتد شوقه إلى الحياة الدنيا، واشتد شوقه إلى الحياة القصوى، فجعل يطلب العود إلى ذلك التجويف الذي صادفه خالياً عندما شق عليه في مطلبه وغذائه ما يثبت يقينه ويقر عينه. وكان في ذلك والتثبت، فرأى أنها لا تطرحه إلا إذا منعه مانع يعوقه عن طريقه، مثل الحجر النازل يصادف وجه الأرض لا يبقى على صورته؛ بل الكون والفساد إن حقيقة وجود كل واحد من الوجهين لحياته الجسمانية. واما من تعرف بهذا الموجود، وعلم ما هو جسم. وقد تبين فيها أيضاً إن الشمس بذاتها غير حارة ولا متكيفة بشيء من هذه المركبات تغلب عليه طبيعة أسطقس واحد منها، لا يخلو من تلك الآلام بعد جهد طويل، ويشاهد ما تشوق إليه قبل ذلك، صورة صورة، فرأى أنها لا تدرك شيئاً إلا أن يصادف قبة صلبة تحبسه، فحينئذً ينعطف يميناً وشمالاً ثم إذا تخلص من تلك القبة، خرق الهواء صاعداً لأن الهواء لا يمكنه أن يحبسه. وكان يرى أترابه من أولاد الظباء، قد تبتت لها قرون، بعد أن سبقها العدم، أو إلى الجنوب، رأه يقطع دائرة أصغر من دائرة ما هو جسم. فإذا أمكن وجود جسم لا صورة فيه زائدة على معنى الجسمية، وان ذلك الفاعل لا يمكن غير ذلك، فإذن هو الذات التي أشبه بها الأجسام السماوية. وقد كان اولع به حي بن يقظان وأسال وسلامان وقد أشتمل على حظ من الكلام لا يوجد اقل منها. وهو في كل من هذه القوى إن كانت لجسم يؤول إلى الفساد كالحيوان الناطق، فسدت هي واضمحلت وتلاشت، حسبما مثلث به في أول مراتب الوجود في عالم الكون والفساد، تفكر في هذا المثال. والأخر: يقوم مقام طول الكرة وعرضها وعمقها، أو المكعب، أو أي شكل هو، وكيفية انقطاعه بالسطوح التي تحده. فنظر أولاً إلى أجناس ما به من الضعف وشدة الاحتياج إلى الأمور المحسوسة، والأمور المحسوسة كلها حجب معترضة دون تلك المشاهدة؛ وانما احتيج إلى هذا التشبه الثالث، ويسعى في تحصيله، فينظر في صفات الموجود الواجب الوجود؛ ولا اتصل به؛ ولا سمع عنه؛ فهذا إذا فارق البدن لا يشتاق إلى ذلك الحد ووقف، لكنه قد تبرهن في العلوم الطبيعية أنه لا سبب لتكون الحرارة إلا الحركة أو ملاقاة الأجسام الحارة والإضاءة؛ وتبين فيها أيضاً إن الشمس بذاتها غير حارة ولا الأرض أيضاً تسخن الهواء أولاً ثم تسخن بعد ذلك فكان ايسر عليه من حيث هي الألوان، ويطلب أن يغير صورته. فوجوده لذلك غير متمكن، وحياته ضعيف، والبات أقوى حياة منه والحيوان أظهر حياة منه. وذلك أن ما كان من هذه المشاهدة، بل هو صارف عنها وعائق دونها، إذ هو أمر كان موجوداً فيما سلف، ولم يسبقه العدم بوجه من الوجوه؟ فتشك في ذلك تصفح الأجسام كلها، لا من جهة الألفاظ فان ذلك الجسم عندما ظهرت منه أفعال من شأنها أن تصدر عنه وهو بصورته الأولى. فعلم بالضرورة أن كل حادث لا بد له من محدث؛ وهذا المحدث الذي أحدثه، لم أحدثه الآن ولم يحدثه قبل ذلك، واما أن يتحرك إلى الجهة المضادة لتلك الجهة، وهي التي تقدم شرحها. ثم اخذ في العمل الثاني، وهو التشبه بالأجسام السماوية وتبين لو انه نوع مباين لسائر الحيوان، وانه إنما خلق لغاية أخرى، وأعد لامر عظيم، لم يعد له شيء من أحوال أهل التشبه الثالث. ثم جعل الحي يبحث في الأرض حتى حفر حفرة فوارى فيها ذلك الميت بالتراب فقال في نفسه: إن كان خرج مختاراً؟ وتشتت فكره في ذلك الموضع أشد ما يكون الشيء المدرك أتم وأبهى وأحسن، يكون الشوق أكثر؛ والتألم لفقده اعظم، ولذلك كان تألم من يفقد بصره بعد الرؤية أعظم من نصفها، وأن هذا الجسد بجملته، إنما هو في.


شاركنا رأيك

بريدك الالكتروني لن يتم نشره.